هل فكرّت يوماً ما إذا كانت شخصيتك تتلاءم مع وظيفتك؟ ربما لا، ولكن فهم شخصيتك بشكل جيّد قد يساعدك في الحصول على وظيفة أحلامك إذا كنت تبحث حالياً عن عمل، أو في تحسين مسيرتك المهنية في حال كنت موظف حالي. وبالتالي، فإن معرفة المزيد حول شخصيتك ونفسك سيساعدك على أداء الأنشطة اليومية بشكل أفضل على المستويين الشخصي والمهني على حد سواء.
تؤثر شخصيتك على نواحي عدة من حياتك بشكل مباشر، بدءاً من الأنشطة اليومية البسيطة، وحتى الأنشطة الأكثر تعقيداً، لذا ستؤثر على مسيرتك المهنية بكل تأكيد. وفهم شخصيتك وصفاتك بشكل جيّد سيساعدك في الحصول على فرص وظيفية أفضل تجعلك تشعر برضا أكبر، وإنتاجية أعلى.
ومن جهة أصحاب العمل، تتطلب بعض الشركات صفات شخصية مُعيّنة، لذا تطلب من المرشحين الخضوع لاختبارات شخصية وتطرح عليهم مجموعة من الأسئلة المختلفة. ويتبع أصحاب العمل هذا المنهج للتأكد من توافق شخصية المرشح مع متطلبات الوظيفة وطبيعتها، حيث تتطلب بعض الوظائف خصائص شخصية مُعينة. لذا لا تحزن في حال تم رفضك بناءً على نتائج الاختبارات، حيث تُظهر هذه النتائج مدى قدرة الشخص على التكيُّف مع الوظيفة، وكيف سيتمكن من التنسيق مع الفريق أو المدراء والأشخاص الآخرين.
تخيّل أن يتم توظيف شخصاً انطوائياً في وظيفة تتطلب التواصل المستمر والتعامل المباشر مع العملاء وأعضاء الفريق الآخرين، ما هي نتيجة ذلك؟ لذا يجب عدم التقليل من شخصيتك وقدرتها على التأثير على مسيرتهم المهنية المستقبلية.
ويمكنك دوماً التفكير في مدى ملاءمة شخصيتك مع وظيفتك، وتغيير مسيرتك المهنية في حال لم تعجبك. وقد يشجعك أفراد عائلتك وأصدقائك على قبول عرض العمل الذي تلقيته، خاصةً لو كان ذو ميزات مغرية، ولكن قبل الخضوع لطلباتهم تأكد أن العمل يتوافق مع شخصيتك بالفعل. ابحث عن الشركة جيداً، واقرأ عن ثقافتها، وتاريخها، واسأل نفسك ما إذا كان هذا المكان الصحيح لك، حيث ستكون مرتاحاً وترغب حقاً في استغلال مهاراتك، وما إن كنت ستشعر بالحماس كل صباح للذهاب إلى هذا المكان، وتذكر أنك ستقضي أكثر من ثماني ساعات في هذا المكان، لذا يجب أن تكون مرتاحاً وراضٍ تماماً.
اقضِ وقتاً جيداً في اكتشاف ذاتك، وحاول أن تفهم شخصيتك بشكل أفضل من خلال التفكير في مبادئك، والدور الذي لعبته في وظائفك السابقة، والقيمة التي تضيفها لأي نشاط تؤديه بشكل يومي. وتكمن أهمية معرفة نفسك جيداً في مساعدتك على تقييم أي الوظائف التي ستجعلك تشعر بالرضا التام، وأي بيئات العمل التي تلائم شخصيتك بشكل أفضل.
- بعد تقييم شخصيتك وصفاتك الشخصية، هناك أربعة أمور رئيسية عليك التفكير بها؛ أولاً نوع شخصيتك، هل هي انطوائية أم اجتماعية؟ عادةً ما تكون شخصيات المحاسبين، ومهندسي البرمجيات، والكاتبين شخصيات انطوائية، لأنهم يفضلون أداء المهام بمفردهم أو مع مجموعة صغيرة من الأشخاص، وهم ذوي شخصيات مستقلة، بينما عادةً ما تكون شخصيات المعلمين، ورواد الأعمال شخصيات اجتماعية لأنهم يفضلون العمل مع عدد كبير من الأشخاص، ويتمتعون بروح التعاون، ويرغبون بمشاركة أفكارهم مع العالم.
- أما الأمر الثاني فهو طريقة تفكيرك، وينقسم نوع أو طريقة التفكير إلى قسمين رئيسيين: الأول هو المُستقبِل والمُبادر. فإذا كنت تفضل العمل على مهام محددة، والعمل في أدوات واضحة، مثل قواعد البيانات، والمعدات الميكانيكية، فأنت تنتمي إلى القسم الأول وهو المُستقبِل. أما إذا كنت تحب العمل بالاعتماد على مخيلتك، مثل العمل على نظريات، وتُحب استكشاف المستقبل والفرص المتاحة أمامك، فأنت تنتمي إلى النوع الثاني، وهو المُبادر.
- الأمر الثالث هو المنظومة الأخلاقية الخاصة بك، وهو مُنقسم إلى مفكرين وشاعرين؛ المفكرين هم عادةً أشخاص يأخذون قراراتهم بناءً على تحليلات، ويستخدمون ذكائهم للنجاح. أما الشاعرين فهم يُعطون اهتماماً أكبر لمشاعرهم، ودائماً ما يكونون مُراعين لمشاعر الآخرين، ويوصفون بالمتعاطفين والحنونين.
- أما الأمر الأخير فهو نوع عقليتك، هل تتمتع بعقلية منفتحة، أو مُنغلقة؛ فإذا كنت ذو عقلية منفتحة فأنت تحب الترتيب والتخطيط، وتفضل العمل في بيئة عمل منظمة بشكل كبير، وتحديد مواعيد نهائية صارمة واتباعها، أما إذا كنت من ذوي العقلية المُنغلقة فأنت لا تحب العمل ضمن مواعيد محددة، وتفضل العمل في بيئة عمل مرنة، وقد تكون مليئة بالفوضى كذلك.
تُعد النقاط أعلاه مهمة جداً في مساعدتك على معرفة شخصيتك وصفاتك بشكل أفضل. ومن المهم أخذ شخصيتك وصفاتك في عين الإعتبار قبل اختيارك لعملك، فإن اختيار عمل والقبول به بشكل عشوائي لن يكون عمل طويل المدى، ولن تتمكن من الاندماج في بيئة العمل بشكل كامل، وبالتالي لن تشعر بالارتياح التام.
عند الحصول على عرض عمل يتلاءم مع شخصيتك بشكل جيد، ستجد نفسك تشعر بالرضا التام، وتتعلم باستمرار، وهو مرتبط بالنجاح والأداء الجيد. وتذكر أن قبول أي عرض عمل فقط لكي لا تكون عاطلاً عن العمل لن يقودك إلى المسيرة المهنية التي تبحث عنها، لأن المسيرة المهنية الخاطئة ستتعارض مع شخصيتك وطبيعتها، وربما سيُجبرك ذلك على تغيير شخصيتك بدلاً من استثمار الوقت في التعلُم وتنمية نفسك مهنياً.
وقد تبدو فكرة تغيير شخصيتك فكرة مقبولة نوعاً ما، ولكنها غير كافية ولا يمكن الاعتماد عليها، لأن هناك العديد من الصفات التي لا يمكن تغييرها. لا تجعل شخصيتك الحقيقية بمثابة عائق أمام تطورك المهني، بل يجب أن تكون عاملاً مساعداً لها. ومعرفة المزيد حول شخصيتك هو أحد الأمور الهامة للحصول على عمل مثالي. لا تتجاهل الأمور التي تفضلها، والأهداف المهنية التي ترغب بتحقيقها. قد تضطر أحياناً لتغيير بعض الصفات في شخصيتك للحصول على فرصة عمل مثالية. وعليك تحديد أهدافك المهنية، وتحديد نقاط شغفك الحقيقية، ومعرفة مهاراتك، وكيف يمكنك استخدامها لتطوير الشركة. اعرف نفسك جيداً، ولا تتخلَ عن أحلامك.
وللحصول على وظيفة أحلامك، فإن الأمر يتطلب أكثر من مجرد معرفتك لنفسك وشخصيتك. حاول تخطي مخاوفك وقلة ثقتك بنفسك من خلال تحديد هذه النقاط وتقبلها للعمل على التخلّص منها، بدلاً من تجاهلها. وتذكر أن خلفيتك التعليمية وحدها غير كافية للحصول على وظيفة أحلامك، بل يجب أن تتعلم المزيد من المهارات، وفرص التدريب، والشهادات، وغيرها من الأمور لمساعدتك على الحصول على وظيفة أحلامك.
تعليقات
إرسال تعليق